الخميس، 23 أغسطس 2012

عودة من الأموات - قصة

ظلام .. بداية رؤيته كانت ظلام .. شيئاً فشئ يسترد هو نظره .. ينظر من حوله .. كل شئ يبدو غريباً .. الرؤية ليست واضحة .. بعد فترة من الزمن استطاع أخيراً أن يرى


وجد نفسه مكبلاً في غرفة بيضاء .. متصل بجسده عدة أشياء لا يعرفها ولكن بمجرد النظر إليها استطاع أن يخمن .. هو في المستشفى .. كل ما يراه حوله أجهزة تقيس أدق التغيرات في جسده .. حاول أن ينزع كل شئ .. اقتربت من باب غرفته ممرضة رأته .. سارعت للوصول إليه .. ماذا تفعل صرخت هي .. أمسكت يده حاولت أن تمنعه .. لم تستطع .. استنجدت ببقية العاملين في المستشفى وهي تصرخ به توقف .. ستؤذي نفسك .. وهو كل ما يفعله يصرخ في وجهها .. أنا بخير .. لن أنتظر .. يجب أن أذهب .. يجب أن اذهب لمنزلي .. في النهاية .. جاء أحد الأطباء في المستشفى .. أعطاه مهدئ .. وهو تدريجياً .. بدأ يفقد التحكم في أعصابه .. يجب يجب يج... أخر كلماته قبل أن يفقد الوعي مرة أخرى .. يعود الظلام من جديد .. رأسه لم يعد يحتمل .. صداع .. وكأن أحدهم ضربه بمطرقة علي رأسه


يحاول أن ينظر حوله .. وجد كل شئ أبيض .. ثم .. عاد لينظر لجسده .. يداه مكبلتان .. قدماه مكبلتان .. ما هذا .. صرخ .. ساعدوني .. اعتقد خطئاً أن أحدهم يحاول سرقة أعضائه أو يجري عملية غير مشروعة عليه


ظل يصرخ ويصرخ .. حتى أتت هي ملامحها غاضبة منه .. لم تنسى ماذا حاول أن يفعل .. ولكنه ذهل من جمالها .. سألها ماذا حدث لي .. أين أنا .. جاوبته .. أنت في المستشفى .. وقد حاولت أن تهرب حينما استيقظت البارحة .. وأعطيناك مهدئاً لترتاح .. يجب أن ترتاح .. سألها من أحضرني .. أخبرته أنها لا تعلم .. سألها عن حالته .. لماذا هو متواجد هنا .. قالت أحدهم وجدك ممداً في الشارع .. نقلك إلى هنا



أخبرته أنها ستعطيه مهدئاً الآن .. لأن موعده قد جاء .. تقبل الأمر بصمت ... فلا يوجد شئ يستطيع فعله الآن .. بعد ثواني قليلة .. عاد الظلام مرة أخرى

عاد الظلام مجدداً .. ظل هو علي هذه الحالة أيام .. كلما يري بصيص من النور .. يعطوه مهدئاً يعود للظلام .. شيئاً فشئ .. بدأ عالم يتحول لأحلام ... يحلمها لبضع لحظات .. وواقعه هو الحلم

في بداية أحلامة تذكر والده ووالدته عندما كان يبدأ مرحلة تخطي الطفولة .. ليصبح شاباً .. تذكر تنبيهاتهم له .. توجيهاتهم .. ثم تذكر موتهم .. حادثة موتهم التي كان لها التأثير المعاكس علي حياته تذكر كل تفاصيل قبل هذا الحادث .. كلما دخل في الظلام .. يبدأ خوفة يزيد .. كلما أقترب من معرفة سبب الظلام من حوله

كلما أقترب من التذكر .. بدأ يشعر بأن الظلام حوله هو فقط .. بدأ يشعر وكأن احدهم عاقبه فأخذ النور من حياته .. أم هو عاقب نفسه !!

بدأت الأحلام تزداد غرابة .. يري كل شئ مغيم .. هو مع اصدقائه .. كل ليلة يسهر .. يترك أخته وحيدة في منزلهم .. لم يهتم لتوجيهات والداه له أن يهتم بأخته الوحيدة إن حدث لهم اي شئ وكأنهم كانو يشعروا .. بإقتراب نهايتهم .. بأنهم لن يكونوا موجودين لهم بعد الأن

هو لم يهتم لأي شئ قالوه كل ما اهتم له حزنه نفسه .. أكثر مشاكله مع اخته كانت بسبب سهره الكثير خارج المنزل .. هو من لم يتم بعد عامه الواحد وعشرين .. كان يهتم بالمنزل بكل احتياجاته بكل احتياجات اخته من اموال .. أكل .. وهي ترد ذلك باهتمامها بمنزلهم .. لكن حينما ينتهي عمله
ينسي كل شئ .. يبدأ الدخان الكثيف من حوله .. دخان إشتعال البانجو والحشيش وكل انواع الأشياء التي يمكن تدخينها ليكون مغيباً .. قبل أن يفقد وعيه يعود إلي منزله .. لا يدري ماذا يحدث ولكنه أحياناً يفقد السيطرة علي نفسه .. فيجد اخته تصرخ فيه كل صباح .. لا يتذكر كل الاشياء التي حدثت .. ولكنه بدأ يعلم أنه لا يريد التذكر حقاً .. هو يريد فقط ان ينسي .. ولكنهم لا يعطونه فرصة .. تظل المهدئات تدخله في احلام .. بعيدة جداً عما يريد أن يري .. تدخله في اعماق الظلام داخله

عاد هو يتذكر حينما أقتربت تلك الأيام التي يقضيها مع اصدقائه .. يعبثون في حيوات الأخرين .. يضايقون هذا .. يتحرشون بهذه .. يبدأ الموضوع يخرج عن يده .. بدأ يقضي لياليه خارج منزله اكثر مما سبق .. بدأ العمي يضرب عينه .. بدأ عقله بالتأكسد سريعاً

بدأ ضميرة يموت داخله ببطئ هو بدأ يقتل نفسه .. ببطئ هو بدأ يخسر أخر ما تبقي له في حياته

هو من لم يري في حياته ما يمكن أن يكون جيداً .. فقط أتجه نحو الظلام ليقبع فيه

بعد فترة عاد ليري بعض النور في غرفته .. أخيراً تأخروا قليلاً ليلحق بأنفاسه أو هكذا أعتقد

لقد كان نور أهله وهم ينادونه .. أقترب .. أقترب

وعندما أقترب .. صفعه والده .. لم ينطق وقف في ذهول .. صفعته والدته .. ظلت والدته تصفعه .. والده يصفعه وهكذا لبعض الوقت .. حتي رأي أخته تقف بعيداً .. هي تبكي .. ولكن ليس عليه .. ملابساها ممزقه .. وتبكي وحيدة .. وتصرخ في وجهه أنت السبب في كل ما حدث .. ظلت الكلمات تتردد في اذنه .. لم يعد يشعر بالصفعات .. لم يعد يشعر بأي شئ ..

علي الجانب الأخر وجدت الممرضة نبضات قلبه بدأت تنخفض سارعت لتنادي الأطباء

بدأت محاولات إنقاذه من الأن

هو مازال يتلاقي الصفعات .. ومازال لم يتذكر ما حدث .. فجأة أختفي كل شئ .. عاد الظلام .. بدأت الذكريات تعود له كلها بسرعة .. حياته كلها تمر من امامه .. هو تذكر ما حدث .. لقد كان يمارس عادته مع اصدقائه في إختلاق المشاكل ومعادة كل ما هو بشري

بدأ يتذكر حينما كانوا يتحرشون ببعض الفتيات في الشوارع .. لم يتركوا فتاة واحدة في الشارع في حالها أبداً .. من لم تأخذ نصيبها في الملامسات الملوثة .. تأخذه بأفظع الألفاظ

هكذا يقضون وقتهم في اليوم .. حتي أصبحت الشوارع كلها مليئة من حولهم .. بأمثالهم .. ملوثين بأقذر أنواع التلوث .. ملوثين بشرف فتيات لم يكن لهم ذنب سوي أنهم تواجدوا في أماكن هم بها

لم يعد أحد منهم يشعر بأي منطقة هم .. حتي أتي مالم يكن متوقعة هو

قررو أن يتمادوا في تصرفاتهم .. أخذ احدهم فتاة .. أختطفوها .. إلي مكان مظلم .. بدأت هي تصرخ .. ولكن لم يسمعها أحد

مع الوقت كلما هجموا عليها كما تهجم الذئاب علي أي شئ أمامها .. بدأ صراخها يعلو .. حتي بعد فترة قصيرة .. بدأ احدهم يمزق ملابساها كلها

وعندما حاولت أن تري وجهه وهي تبكي .. وتصرخ .. صعقت .. خالد .. هكذا نادته صرخت في وجهه خالد ماذا تفعل .. توقف هو عن تمزيق ملابساها .. أكمل غيره فقد كانت أيادي كثيرة ملوثة ممتدة عليها

حاول ان يتذكر .. ان يفيق حتي يعلم من هي .. هو لم يري المكان مظلم .. وهو أعمي .. يري أشباه اشكال .. صوتها لم يدخل عقله متنزنا .. ظلت تصرخ تستنجد به خالد خالد خالد .. حتي ساد المكان الصمت بعد فترة

هو أفاق تذكر من يتركها وحدها في المنزل .. من لم يعد إليها منذ أربعة أيام .. يطوف الشوارع مع اصدقائه يلوثون بأيديهم كل ما هو جيد

تذكر أنها أخته من تركها وحيدة .. تذكر .. وليته أفاق مبكراً .. عاد لينجدها .. لينقذها من كل ما حدث لها .. ولكن الجميع كان قد ابتعد عنها بالفعل .. فلم تعد هي تصرخ .. ولم تعد هي تستجيب .. هرب الجميع

وتركوه هو وحده .. ظل جانبها يصرخ بإسمها شيماء .. ولكنها لم تستجيب .. ما أن وجد جانبه جزء من زجاجة مكسورة .. حتي قطع شريانه .. وفقد الوعي

عودة للمستشفي .. سارع الاطباء إليه .. حاولوا انعاشه بكل الطرق .. إلي أن احضروا جهاز الصدمات الكهربائية .. وحاولوا مرة .. لم يفيق .. الثانية .. لم يستفيق

عاد هو إلي تلقي الصفعات من اهله هو هذه المره عاد وهو يعلم .. عاد وهو يندم يبكي .. يشعر بكل صفعة .. وكأنها نار .. يتمني أن تخلصه إحدي هذه الصفعات من العذاب وتنهي حياته
في النهاية صرخ .. أقتلوني ..

توقفت الصفعات .. أجابه والده .. لن يقتلك أحد .. ستظل علي قيد الحياة .. معذباً هكذا

ثم ركله بكل ما أوتي من قوة

عاد أخيراً نبضه .. أستيقظ .. تذكر كل ما حدث .. نظر حوله .. وصرخ فيهم لما أنعشتموني .. ليتني كنت ميتاً .. ليتكم تركتموني .. حاول أن يهرب .. أعادوه إلي المهدئات

إلي الظلام مجدداً

ليست هناك تعليقات: